1-
عن مالك بن صعصعة – رضي الله عنه – أن نبي الله حدثه عن ليلة أُسري به قال
: "بينما أنا في الحطيم " "مضطجعاً إذ أتاني آت فقدّ " – قال : وسمعته
يقول : " فشق مابين هذه إلى هذه " .
فقلت ( أحد الرواة ) للجارود ،
وهو إلى جنبي ما يعني به ؟ قال : من ثُغرة نحره إلى شعرته – وسمعته يقول
من قصه إلى شعرته – " فاستخرج قلبي ، ثم أُتيت بطست من ذهب مملوءة إيماناً
، فغسل قلبي ، ثم حُشي ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار
أبيض " – فقال له الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال أنس : نعم – "
يضع خطوة عند أقصى طرفه ، فحُملتُ عليه ، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء
الدنيا ، فاستفتح . فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل قيل : ومن معك ؟ قال :
محمد قيل : وقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل :مرحباً به فنعم المجيء جاء
، ففتح ، فلما خلصت فإذا فيها آدم ، فقال : هذا أبوك آدم فسلم عليه ،
فسلمت عليه ، فرد السلام ثم قال : مرحباً بالابن الصالح ، والنبي الصالح .
ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ،
قيل : ومن معك ؟ قال : محمد قيل : وقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم قيل :
مرحباً به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح فلما خصلت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا
خالة قال : هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما ، فسلمت ، فردا ثم قالا: مرحباً
بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح قيل :
من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد قيل : وقد أُرسل إليه
؟ قال : نعم قيل : مرحباً به ، فنعم المجئ جاء ففتح ، فلما خلصت إذا يوسف
، قال : هذا يوسف فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فردّ ثم قال : مرحباً بالأخ
الصالح والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح قيل :
من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد أُرسل
إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به فنعم المجيء جاء ففتح ، فلما خلصت
فإذا إدريس ، قال : هذا إدريس فسلم عليه ، فسلمت عليه فردّ ، ثم قال :
مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح .
ثم صعد بي حتى أتى السماء
الخامسة فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال :
محمد قيل : أوقد أُُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به ، فنعم المجيء
جاء ، فلما خلصت فإذا هارون قال : هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت ، فردّ ثم
قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح .
ثم صعد بي حتى
أتى السماء السادسة فاستفتح قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟
قال : محمد ، قيل : وقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم قال : مرحباً به ، فنعم
المجيء جاء ، فلما خلصت فإذا موسى ، قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت
عليه ، فردّ ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ، فلما تجاوزت
بكى ، قيل : ما يُبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاماً بُعث بعدي يدخل الجنة من
أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي .
ثم صعد بي إلى السماء السابعة ،
فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد
، قيل : وقد بُعث إليه ؟ قال : نعم ، قال : مرحباً به ، ونعم المجيء جاء
فلما خلصت فإذا إبراهيم قال : هذا أبوك ، فسلم عليه قال : فسلمت عليه ،
فردّ السلام ، ثم قال : مرحباً بالأبن الصالح ، والنبي الصالح .
ثم رُفعت لي سدرة المنتهى ، فإذا نَبَقُها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل
آذان الفيلة قال : هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار : نهران باطنان ،
ونهران ظاهران . فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في
الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات ، ثم رُفع لي البيت المعمور ، ثم
أُتيت بإناء من خمر ، وإناء من لبن ، وإناء من عسل ، فأخذت اللبن فقال :
هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك ثم فُرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم ،
فرجعت فمررت على موسى ، فقال : بم أُمرت ؟ قال : أمرت بخمسين صلاة كل يوم
. قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس
قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف
لأمتك ، فرجعت ، فوضع عني عشراً ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فوضع
عني عشراً ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت
فأمرت بعشر صلوات كل يوم ، فرجعت فقال مثله ، فرجعت فأُمرت بخمس صلوات كل
يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال : ثم أمرت ؟ قلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم ،
قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك ،
وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فأرجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك
قال : سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلّم قال : فلما جاوزت نادى مُناد
: أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي )) .
2 - وهذه المعجزة تشتمل على مجموعة من المعجزات :
*منها أن سقف بيته انشق كما في بعض الروايات
*ومنها قطع المسافة التي تقطع في آلاف الأعوام في أقل من ساعة زمن
* ومنها خضوع البراق له وعدم نفوره منه
* ومنها خرق السموات
وهذا
خلافاً للمنكرين الذين يقولون إن السموات لا تقبل الخرق . وهذا يرد عليه
بأنكم تؤمنون بنزول جبريل – عليه السلام – وصعوده، فما المانع أن يصعد
محمد معه مرة .
*ومنها ما رآه في أثناء هذه الرحلة من عذاب العصاة ، ونعيم الطائعين
*ومنها الكلام مع رب العالمين – سبحانه –
*ومنها اللقاء بالأنبياء والصلاة لهم والحديث معهم
*ومنها الكلام مع بعض الملائكة كملك الموت
*ومنها رؤية في ما في العالم العلوي .
صحيح : رواه البخاري كتاب مناقب الأنصار باب المعراج رقم (3885).
ومما ينبغي الإشارة إليه هنا أن رواية هذا الحديث الذي معنا جاءت موجزة
أحيانا ، ومشكلة أحيانا أخرى . فالإيجاز جاء في عدم وصف الإسراء ، ولذلك
بوّب الإمام البخاري على هذا الباب باب المعراج ، وأيضاً ذكر في هذا
الحديث أنه كان يُخفف في كل مرة عشر صلوات خلافاً لما هو غالب على
الروايات من ذكر خمس صلوات . والإشكال جاء : من ذكر الشرب من اللبن وعدم
الشرب من الخمر ، والماء بعد النزول من السموات خلافاً لما هو معروف من
شرب اللبن قبل بدء العروج إلى السموات السبع .
3 - وضع بيت المقدس أمامه وهو بمكة
ومن المعجزات التي تتعلق بالإسراء والمعراج أن قريشاً سألته عن وصف بيت
المقدس وعن عدد أبوابه . فجلّى الله له بيت المقدس حتى وضعه أمامه فأخبرهم
عما يريدون لم يخطئ في حرف واحد يقول رسول الله : " لما كذبني قريش قمت في
الحجر فجلىّ الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته ، وأنا أنظر إليه ".
]حديث
صحيح : رواه البخاري في مناقب الأنصار باب حديث الإسراء رقم (3886) ورواه
مسلم في الإيمان باب ذكر المسيح ابن مريم – عليهما السلام - ، ورواه احمد
(1/309).[
4 - إخباره عن عير لقريش
ومن المعجزات المتعلقة بالإسراء والمعراج :
قالت قريش يوم الإسراء لرسول الله : هل مررت بإبل لنا في مكان كذا وكذا ؟
قال : " نعم والله ، قد وجدتهم قد أضلوا بعيراً لهم في طلبه ، ومررت بإبل
بني فلان انكسرت لهم ناقة حمراء " قالوا : فأخبرنا عن عدتها وما فيها من
الرعاء. قال : كنت عن عدتها مشغولاً ، فقام . فأتى الإبل فعدها وعلم ما
فيها من الرعاء ثم أتى قريشاً ، فقال : " هي كذا وكذا ، وفيها من الرعاء
فلان وفلان " فكان كما قال .
وفي رواية البيهقي : قلنا يا رسول الله :
كيف أُسريّ بك ؟ قال : فكان مما قال : "إن من آية ما أقول لكم أني مررت
بعير لكم في مكان كذا وكذا ، وقد أضلوا بعيراً لهم ، فجمعه فلان ، وإن
مسيرهم ينزلون بكذا وكذا . ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح
أسود وغرارتان سوداوان " فلما كان ذلك اليوم ، أشرف الناس ينظرون حتى كان
قريباً من نصف النهار حتى أقبلت العير ، يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول
الله . ]رواه البيهقي وقال : إسناده صحيح ] .
وفي رواية أخرى :
أُسري بالنبي إلى بيت المقدس ، ثم جاء من ليلته ، فحدثهم بمسيره ، وبعلامة
بيت المقدس وبعيرهم ، فقال ناس : نحن لا نصدق محمداً بما يقول ، فارتدوا
كفاراً ، فضرب الله أعناقهم مع أبي جهل .
]رواه احمد (1/374) ، وقال ابن كثير في التفسير (3/15) : إسناده صحيـح .[